من بين كل الحكايات و الخرافات و الأساطير ,
تطل حكاية الوحش في شيفلدان لتتحدى الحقيقة و تتفوق حتى على الخيال ,
مخلفة ورائها أكثر من مئة قتيل لتثبت وجودها , و عشرات الوثائق الرسمية و
ألاف الصفحات التي سطرها المؤرخون خلال مائتي عام و هم يتجادلون حول
حقيقة ما جرى هناك , و لكن يبقى اللغز بدون حل , فلا مجال لإنكار ما حدث و
لا سبيل لمعرفة كيف حدث. تعال معي عزيزي القارئ لتتعرف على واحدة من
أشهر قصص المستذئبين و أكثرها غرابة.
ترك خلفه اكثر من مئة ضحية تلذذ بألتهام لحومهم
تمثال برونزي تخليدا لذكرى ضحايا وحش تشيفلدان
|
في
احد الأيام الدافئة و المشمسة من شهر حزيران / يونيو 1764 في مقاطعة
شيفلدان الفرنسية , كانت إحدى النساء الشابات ترعى مجموعة من الأبقار في
مزرعة خالية من الأشجار بالقرب من الغابة , كان كل شيء حولها طبيعيا
لكنها شعرت فجأة بأن هناك من يراقبها , و بأسرع من لمح البصر ظهر مخلوق
غريب من بين أشجار الغابة , كان المخلوق في حجم بقرة و لكنه كان يشبه
ذئبا ضخم الجثة , توجه مباشرة نحو الفتاة غير مكترث بالأبقار و العجول
المحيطة بها و بدا ان شيئا لن يرضيه سوى فريسة بشرية , كلاب الحراسة فرت
مذعورة عند رؤية الوحش , و أحست الفتاة للحظة بأن الموت قادم لا محالة ,
إلا انه و لحسن حظها تحركت ثيران المزرعة الهائجة لتدفع عنها هذا الوحش
بقرونها و لتطرده عائدا نحو الغابة مرة أخرى , هذه كانت أول مشاهدة للوحش
في المقاطعة و ستدرك المرأة الشابة عما قريب كم كانت محظوظة لبقائها على
قيد الحياة بعد ان وقفت وجها لوجه مع وحش شيفلدان المرعب (The Beast of Gevaudan ).
الضحية الأولى للوحش كانت طفلة صغيرة وجدت مقتولة و قد مزق الوحش جسدها و انتزع قلبها من مكانه , و سرعان ما بدئت المزيد من الجثث الممزقة تضاف الى قائمة ضحايا الوحش , العجيب انه لم يكن يقنع الا باللحم البشري فرغم تواجد عدد كبير من الحيوانات الأليفة كالغنم و الماعز و العجول حول ضحاياه , الذين يعمل اغلبهم كمزارعين , إلا ان الوحش لم يكن يعير أي اهتمام لهذه الحيوانات و لم يكن يهاجم سوى البشر لذلك شاع اعتقاد قوي بين الناس بأن هذا الوحش هو (loup-garou ) أي مستذئب باللغة الفرنسية , و اقسم الكثيرون على أنهم طعنوا الوحش او أطلقوا النار عليه إلا ان أسلحتهم كما يبدو لم يكن لها أي تأثير عليه.
في 8 تشرين الأول / أكتوبر قام صيادين بإطلاق النار من بنادقهم على الوحش عدة مرات و رأوه و هو يبتعد بخطوات واهنة عرجاء نحو الغابة فظنا إنهما قد أصاباه إصابة قاتلة و انه هرب نحو الغابة ليموت هناك , الا انه لم تمض سوى أيام قليلة حتى عاد الوحش ليهاجم و يقتل المزيد من الضحايا.
إحدى الجرائد الباريسية (The Gazette ) وصفت الوحش نقلا عن شهود عيان كالاتي :
الضحية الأولى للوحش كانت طفلة صغيرة وجدت مقتولة و قد مزق الوحش جسدها و انتزع قلبها من مكانه , و سرعان ما بدئت المزيد من الجثث الممزقة تضاف الى قائمة ضحايا الوحش , العجيب انه لم يكن يقنع الا باللحم البشري فرغم تواجد عدد كبير من الحيوانات الأليفة كالغنم و الماعز و العجول حول ضحاياه , الذين يعمل اغلبهم كمزارعين , إلا ان الوحش لم يكن يعير أي اهتمام لهذه الحيوانات و لم يكن يهاجم سوى البشر لذلك شاع اعتقاد قوي بين الناس بأن هذا الوحش هو (loup-garou ) أي مستذئب باللغة الفرنسية , و اقسم الكثيرون على أنهم طعنوا الوحش او أطلقوا النار عليه إلا ان أسلحتهم كما يبدو لم يكن لها أي تأثير عليه.
في 8 تشرين الأول / أكتوبر قام صيادين بإطلاق النار من بنادقهم على الوحش عدة مرات و رأوه و هو يبتعد بخطوات واهنة عرجاء نحو الغابة فظنا إنهما قد أصاباه إصابة قاتلة و انه هرب نحو الغابة ليموت هناك , الا انه لم تمض سوى أيام قليلة حتى عاد الوحش ليهاجم و يقتل المزيد من الضحايا.
إحدى الجرائد الباريسية (The Gazette ) وصفت الوحش نقلا عن شهود عيان كالاتي :
"انه أضخم بكثير من الذئب العادي , أرجله
مزودة بمخالب حادة و لون فروته اقرب الى اللون الأحمر , رأسه ضخم و
عضلاته قوية و بارزة , صدره عريض رمادي اللون و هناك خطوط سوداء على
ظهره , فمه واسع و عريض و مزود بصف متراص من الأنياب الحادة".
و مع تزايد هجمات الوحش و خصوصا على الأطفال و
النساء فقد عمت موجة من الخوف و الرعب المقاطعة و تقدم سكانها بالتماس
الى بلاط الملك لويس الخامس عشر لإنقاذهم من هذه الداهية التي حلت على
رؤوسهم , لذلك قام الملك بإرسال قوات من جيشه الى المقاطعة بقيادة
الكابتن (نقيب) دومل لقتل الوحش , و لأن السكان اخبروه بأن الوحش كان
يفضل دوما مهاجمة النساء , لذلك أمر دومل بعض جنوده بارتداء زي النساء
ليكونوا بمثابة الطعم لاصطياد الوحش , و بالفعل تمكن رجال دومل من إصابة
الوحش عدة مرات و لكنه كان يهرب دوما الى الغابة , لكن أخيرا توقفت الهجمات
لفترة من الزمن و ظن دومل بأنه تمكن من قتل الوحش لذلك عاد مع قواته الى
العاصمة لكنه ما ان غادر المقاطعة حتى عاد الوحش ليهاجم السكان و ينشر
الخوف بين قراهم مرة أخرى الى درجة ان السكان أصبحوا يختبئون في منازلهم
بمجرد ان يسمعوا بأن احدهم قد رأى الوحش قريبا من قراهم و صار الرجال
المسلحين بالبنادق يخافون ان يطلقوا النار على الوحش حتى لو كان في مرمى
نيرانهم , و اقسم العديد من السكان بأنهم شاهدوا الوحش و هو ينظر اليهم
من خلال نوافذ منازلهم.
و قد قامت الحكومة بوضع جائزة مالية كبيرة لكل من يقتل الوحش فتوافد المئات من الصيادين المحترفين الى المقاطعة طمعا بالمال و تم قتل عشرات الذئاب لكن كل ذلك كان بدون أي جدوى فالهجمات استمرت دون توقف و خلال صيف عام 1765 قام الوحش بقتل و التهام العديد من الأطفال في المقاطعة.
اخيرا في حزيران 1767 و بعد ان كاد السكان يهجروا قراهم و حقولهم , قام الماركيز دابسير الذي كان يقطن في الجزء الغربي من المقاطعة بجمع المئات من الصيادين و مقتفي الأثر الذين توزعوا على شكل مجموعات و قاموا بتمشيط المقاطعة شبرا شبرا , لقد كانوا مصممين هذه المرة على وضع حد لمجزرة الوحش في المقاطعة. احد المشاركين في هذه المجموعات كان اسمه "جان جيستل" و قد كان مؤمنا بأن الوحش هو في الحقيقة انسان مستذئب لذلك فقد عبأ بندقيته برصاصات مصنوعة من الفضة الخالصة بسبب الاعتقاد السائد حينها بأنها السلاح الوحيد القادر على قتل المستذئبين و حينما هاجم الوحش مجموعته قام جيستل بإطلاق طلقتين صوب الوحش أصابت إحداهما قلبه فخر صريعا وسط دهشة و ذهول الصيادين الذين اقتربوا منه على مهل و حذر ليتأكدوا من موته , كان اغرب مخلوق وقعت أعينهم عليه و عندما قاموا بفتح بطنه وجدوا في معدته بقايا بشرية لطفلة صغيرة. و هكذا أسدل الستار على واحدة من اغرب الأحداث في تاريخ فرنسا بعد ان خلفت عشرات القتلى و استنزفت خزينة المقاطعة.
بالنسبة لجثة الوحش فتقول الوثائق التاريخية بأنه قد تم نقلها الى القصر الملكي في فرساي ليشاهدها الملك و النبلاء. لكن ماذا حدث للجثة بعد ذلك و اين هي الآن ؟ لا احد يعلم , بعض الوثائق تقول انه جرى دفنها في في قصر الفرساي و أخرى تقول بأن الجثة جرى حرقها و التخلص منها.
و قد قامت الحكومة بوضع جائزة مالية كبيرة لكل من يقتل الوحش فتوافد المئات من الصيادين المحترفين الى المقاطعة طمعا بالمال و تم قتل عشرات الذئاب لكن كل ذلك كان بدون أي جدوى فالهجمات استمرت دون توقف و خلال صيف عام 1765 قام الوحش بقتل و التهام العديد من الأطفال في المقاطعة.
اخيرا في حزيران 1767 و بعد ان كاد السكان يهجروا قراهم و حقولهم , قام الماركيز دابسير الذي كان يقطن في الجزء الغربي من المقاطعة بجمع المئات من الصيادين و مقتفي الأثر الذين توزعوا على شكل مجموعات و قاموا بتمشيط المقاطعة شبرا شبرا , لقد كانوا مصممين هذه المرة على وضع حد لمجزرة الوحش في المقاطعة. احد المشاركين في هذه المجموعات كان اسمه "جان جيستل" و قد كان مؤمنا بأن الوحش هو في الحقيقة انسان مستذئب لذلك فقد عبأ بندقيته برصاصات مصنوعة من الفضة الخالصة بسبب الاعتقاد السائد حينها بأنها السلاح الوحيد القادر على قتل المستذئبين و حينما هاجم الوحش مجموعته قام جيستل بإطلاق طلقتين صوب الوحش أصابت إحداهما قلبه فخر صريعا وسط دهشة و ذهول الصيادين الذين اقتربوا منه على مهل و حذر ليتأكدوا من موته , كان اغرب مخلوق وقعت أعينهم عليه و عندما قاموا بفتح بطنه وجدوا في معدته بقايا بشرية لطفلة صغيرة. و هكذا أسدل الستار على واحدة من اغرب الأحداث في تاريخ فرنسا بعد ان خلفت عشرات القتلى و استنزفت خزينة المقاطعة.
بالنسبة لجثة الوحش فتقول الوثائق التاريخية بأنه قد تم نقلها الى القصر الملكي في فرساي ليشاهدها الملك و النبلاء. لكن ماذا حدث للجثة بعد ذلك و اين هي الآن ؟ لا احد يعلم , بعض الوثائق تقول انه جرى دفنها في في قصر الفرساي و أخرى تقول بأن الجثة جرى حرقها و التخلص منها.
ما حقيقة الذي جرى في شيفلدان ؟
في
الاعلى صورة للوحش كما وصفه شهود العيان تم نشرها في احدى جرائد ذلك
الزمان و الى الاسفل صورة تعرض لجثة الوحش في بلاط الملك لويس الخامس عشر
|
في الحقيقة ان الاحداث التي جرت في مقاطعة
شيفلدان جرى تحليلها و مناقشتها مرارا و قامت حولها العديد من النظريات
لكن ايا منها لم تعط جوابا شافيا , هل حقا كان هناك وحش غامض يقتل الناس
ام انها مجرد هجمات لذئاب عادية ضخمها الناس كعادتهم و حولوها إلى
إشاعات مرعبة ؟ فضحايا الوحش اغلبهم من الأطفال و القليل من النساء و هم
من تهاجمهم الذئاب عادة.
ان جميع علماء الحيوان و المختصين بدراسة الذئاب و سلوكها يعلمون جيدا بأنها نادرا ما تهاجم البشر و انها مخلوقات خجولة تحاول دوما عدم الاحتكاك مع الإنسان , لكن هل هذا يعني عدم وقوع حوادث هاجمت الذئاب فيها البشر ؟ كلا بالطبع , هناك العديد من الحوادث و الضحايا للذئاب منذ القدم و حتى زمننا الحاضر , لكن على العموم تبقى هذه الحوادث نادرة جدا قياسا بمناطق الاحتكاك بين الذئاب و البشر و لم يحدث ان قامت الذئاب بمهاجمة و قتل هكذا عدد من الناس في فترة قصيرة كتلك التي حدثت في شيفلدان , أضف الى ذلك شهادة المئات من أهالي المقاطعة حول الوحش و حجمه و صفاته الجسدية حيث شبهوه بحجم بقرة او حصان , فحتى أضخم الذئاب في العالم لا يمكن ان تصل الى هكذا حجم , بل ان أضخم ذئب تم صيده في العصر الحديث هو ذئب تم قتله اثناء الحرب العالمية الثانية في أوكرانيا و يزن حوالي 86 كيلوغرام , اما معدل وزن الذئب الأوربي فهو 35 – 40 كيلوغرام , إحدى النظريات تقول ان الوحش كان حيوانا هجينا ناتج عن زواج الذئب مع الكلب كتلك التي تعمل غالبا في الجيش و الشرطة (Wolf-dog ) , و هذا ما يفسر لون الوحش الغريب الذي وصفه شهود العيان و كذلك عدم خوفه و خشيته من الإنسان , لكن يبقى هناك سؤال يطرح نفسه , لماذا لم يهاجم سوى البشر ؟ ففي معظم الحالات كانت هناك أغنام و ماعز و طيور داجنة في مسرح الحادثة لكن الوحش لم يكن يعيرها اي اهتمام و لم يهتم سوى بمهاجمة البشر؟
إحدى النظريات المثيرة للاهتمام و التي تدخل ضمن نطاق ما نسميه نظرية المؤامرة تتهم الدولة الفرنسية آنذاك بوقوفها وراء احداث شيفلدان , فالمقاطعة حسب الوثائق التاريخية كانت إحدى المقاطعات المتململة من دكتاتورية الملكية الفرنسية و كانت على حافة الثورة لذلك دبرت الدولة هذه الحوادث لشغل الناس و نشر الخوف بينهم و هو أمر ليس بغريب و لا جديد على الحكومات الدكتاتورية فيا طالما لفقت أجهزة الدولة القصص و الإشاعات لشغل الناس و إلهائهم عن السياسة , أضف الى ذلك إخفاء جثة الوحش و طمس أثارها حيث بدا الأمر كما لو كانوا يخفون آثار جريمتهم , لكن مما يضعف من هذه النظرية هي ان الدولة الفرنسية أرسلت قواتها مرارا للقضاء على الوحش كما انها رصدت جائزة كبيرة لمن يقتله.
نظرية أخرى تقول ان الوحش في الحقيقة هو نوع من الذئاب يقول العلماء انها انقرضت قبل ألاف السنين و تدعى (Dire Wolf ) , الا ان ما يقوض هذه النظرية هو ان هذا النوع من الذئاب يكاد يتساوى في الحجم مع أنواع الذئاب الأخرى المنتشرة في أوربا , إضافة الى صعوبة إثبات وجود أي منها في القرن الثامن عشر بعد ان انقرضت قبل الاف السنين.
و يبقى ما امن به سكان مقاطعة شيفلدان و اعتقدوا به و هو ان الوحش في الحقيقة ما هو الا مستذئب (Werewolf ) بسبب حجمه و شكله الغريب و ولعه باللحم البشري و عدم تأثير الأسلحة العادية فيه و كذلك ظهوره و اختفائه المفاجئ , لكنه إيمان و اعتقاد يرفضه العلم الحديث بشكل كامل.
و في الختام ينبغي ان نذكر انه بعد أربعين عاما ظهر في مقاطعة (Vivarais ) الفرنسية مخلوق أخر يشبه وحش شيفلدان و قام بقتل 21 ضحية خلال الفترة بين عامي 1809-1813 , و كذلك حدثت أمور مشابهة في مقاطعة (L'Indre ) بين عامي 1875-1879 , و الغريب ان جميع هذه الحوادث و من ضمنها تلك التي حدثت في شيفلدان تستمر لفترة تقارب الاربعة سنوات يختفي بعدها الوحش فجأة كما ظهر فجأة , كما ان التقارير حول هجمات من مخلوق يشبه الذئب استمرت في فرنسا حتى عام 1954.
ان جميع علماء الحيوان و المختصين بدراسة الذئاب و سلوكها يعلمون جيدا بأنها نادرا ما تهاجم البشر و انها مخلوقات خجولة تحاول دوما عدم الاحتكاك مع الإنسان , لكن هل هذا يعني عدم وقوع حوادث هاجمت الذئاب فيها البشر ؟ كلا بالطبع , هناك العديد من الحوادث و الضحايا للذئاب منذ القدم و حتى زمننا الحاضر , لكن على العموم تبقى هذه الحوادث نادرة جدا قياسا بمناطق الاحتكاك بين الذئاب و البشر و لم يحدث ان قامت الذئاب بمهاجمة و قتل هكذا عدد من الناس في فترة قصيرة كتلك التي حدثت في شيفلدان , أضف الى ذلك شهادة المئات من أهالي المقاطعة حول الوحش و حجمه و صفاته الجسدية حيث شبهوه بحجم بقرة او حصان , فحتى أضخم الذئاب في العالم لا يمكن ان تصل الى هكذا حجم , بل ان أضخم ذئب تم صيده في العصر الحديث هو ذئب تم قتله اثناء الحرب العالمية الثانية في أوكرانيا و يزن حوالي 86 كيلوغرام , اما معدل وزن الذئب الأوربي فهو 35 – 40 كيلوغرام , إحدى النظريات تقول ان الوحش كان حيوانا هجينا ناتج عن زواج الذئب مع الكلب كتلك التي تعمل غالبا في الجيش و الشرطة (Wolf-dog ) , و هذا ما يفسر لون الوحش الغريب الذي وصفه شهود العيان و كذلك عدم خوفه و خشيته من الإنسان , لكن يبقى هناك سؤال يطرح نفسه , لماذا لم يهاجم سوى البشر ؟ ففي معظم الحالات كانت هناك أغنام و ماعز و طيور داجنة في مسرح الحادثة لكن الوحش لم يكن يعيرها اي اهتمام و لم يهتم سوى بمهاجمة البشر؟
إحدى النظريات المثيرة للاهتمام و التي تدخل ضمن نطاق ما نسميه نظرية المؤامرة تتهم الدولة الفرنسية آنذاك بوقوفها وراء احداث شيفلدان , فالمقاطعة حسب الوثائق التاريخية كانت إحدى المقاطعات المتململة من دكتاتورية الملكية الفرنسية و كانت على حافة الثورة لذلك دبرت الدولة هذه الحوادث لشغل الناس و نشر الخوف بينهم و هو أمر ليس بغريب و لا جديد على الحكومات الدكتاتورية فيا طالما لفقت أجهزة الدولة القصص و الإشاعات لشغل الناس و إلهائهم عن السياسة , أضف الى ذلك إخفاء جثة الوحش و طمس أثارها حيث بدا الأمر كما لو كانوا يخفون آثار جريمتهم , لكن مما يضعف من هذه النظرية هي ان الدولة الفرنسية أرسلت قواتها مرارا للقضاء على الوحش كما انها رصدت جائزة كبيرة لمن يقتله.
نظرية أخرى تقول ان الوحش في الحقيقة هو نوع من الذئاب يقول العلماء انها انقرضت قبل ألاف السنين و تدعى (Dire Wolf ) , الا ان ما يقوض هذه النظرية هو ان هذا النوع من الذئاب يكاد يتساوى في الحجم مع أنواع الذئاب الأخرى المنتشرة في أوربا , إضافة الى صعوبة إثبات وجود أي منها في القرن الثامن عشر بعد ان انقرضت قبل الاف السنين.
و يبقى ما امن به سكان مقاطعة شيفلدان و اعتقدوا به و هو ان الوحش في الحقيقة ما هو الا مستذئب (Werewolf ) بسبب حجمه و شكله الغريب و ولعه باللحم البشري و عدم تأثير الأسلحة العادية فيه و كذلك ظهوره و اختفائه المفاجئ , لكنه إيمان و اعتقاد يرفضه العلم الحديث بشكل كامل.
و في الختام ينبغي ان نذكر انه بعد أربعين عاما ظهر في مقاطعة (Vivarais ) الفرنسية مخلوق أخر يشبه وحش شيفلدان و قام بقتل 21 ضحية خلال الفترة بين عامي 1809-1813 , و كذلك حدثت أمور مشابهة في مقاطعة (L'Indre ) بين عامي 1875-1879 , و الغريب ان جميع هذه الحوادث و من ضمنها تلك التي حدثت في شيفلدان تستمر لفترة تقارب الاربعة سنوات يختفي بعدها الوحش فجأة كما ظهر فجأة , كما ان التقارير حول هجمات من مخلوق يشبه الذئب استمرت في فرنسا حتى عام 1954.
و كما ذكرت في المقدمة , احداث شيفلدان قد تم
تناولها في الكثير من القصص و الروايات و كذلك في السينما , و احد
الافلام الجيدة حولها هو فيلم (Brotherhood of the Wolf) , و قد شاهدته
شخصيا , و هو فيلم مثير و يحاول تقديم تفسير لما حدث عن طريق حبكة درامية
ممزوجة بالخيال تشد المشاهد اليها حتى نهاية الفلم.
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء