في
جامايكا يوجد قصر ابيض قديم و بالقرب منه يقبع قبر لامرأة يطلق الناس
عليها اسم الساحرة البيضاء و التي كانت يوما ما سيدة القصر و ما حوله من
الأراضي الزراعية الشاسعة و يقال أنها كانت أرملة جميلة و ثرية و في نفس
الوقت قاسية و شريرة تتلذذ بتعذيب و قتل العبيد المساكين الذين كانت تملك
الآلاف منهم و كانت مولعة على وجه الخصوص بقتل الأطفال الصغار لتقديمهم
كقرابين الى الشياطين خلال الطقوس السحرية المخيفة التي كانت تمارسها في
دهاليز القصر و رغم انها ماتت منذ عشرات السنين الا ان العديد من سكان
جامايكا يزعمون بأن روحها الغاضبة مازالت تتجول الى اليوم لتبث الرعب و
الخوف في أرجاء القصر الذي ارتكبت فيه أبشع الجرائم.
كانت تأخذ رجلا من عبيدها الى مخدعها كل ليلة و تقتله بعد ان تمل منه
قصر Rose Hall في جامايكا حيث يزعم الناس ان الساحرة البيضاء اقترفت جرائمها البشعة و حيث يتجول شبحها داخله كل ليلة
|
جامايكا
قبل قرنين من الزمان كانت مستعمرة انكليزية تعج بآلاف العبيد الذين خطفهم
الأوربيون من أفريقيا و نقلوهم عبر البحار ليعملوا في مزارع السكر التي
كانت تدر الأرباح الطائلة على المستعمرين البيض في منطقة الكاريبي , و رغم
ان هؤلاء العبيد تحولوا قسرا او بمرور الزمن الى المسيحية إلا ان البعض
منهم بقي يمارس سرا عقائده الأفريقية القديمة التي كانت ترتكز في غالبها
على الممارسات السحرية و التي وجد فيها هؤلاء العبيد المساكين بعض الترويح
عن الحياة البائسة التي كانوا يعيشونها تحت رحمة الرجل الأبيض المتعجرف و
القاسي , و كان احد هؤلاء الإقطاعيين البيض المتغطرسين يدعى جون بالمر و
يعيش في قصر فخم يدعى قصر الزهور و قد تزوج في عام 1820 من فتاة شابة
تدعى آني كانت ضئيلة الجسم لا يتجاوز طولها 5 أقدام و لكنها كانت حسناء
جميلة و قد تناقل السكان الكثير من القصص و الإشاعات حول المكان الذي قدمت
منه و اكثر تلك القصص رواجا تزعم بأنها هاجرت مع عائلتها في سن العاشرة
من أوربا الى هاييتي في أفريقيا و هناك توفى أبويها بعد إصابتهما بالحمى
فكفلتها و ربتها ساحرة افريقية علمتها على أسرار الفودو (Voodoo )
و دربتها على ممارسة السحر الأسود الذي سرعان ما أتقنته آني و استعملته
في الاستحواذ على قلب جون بالمر فجعلته يهيم بها حبا و يتزوجها.
سرعان
ما بدء عبيد جون بالمر يشعرون بالخوف من زوجته الجديدة التي أخذت تعاملهم
بمنتهى القسوة و كانت تستعمل تعاويذها السحرية في بسط سيطرتها المطلقة
على عقل زوجها الذي تحول الى ألعوبة في يدها و لهذا أطلق عليها العبيد اسم
الساحرة البيضاء و لم تمض سوى سنوات قليلة حتى مات جون بالمر فجأة رغم
انه كان رجلا قويا و لا يشكو من أي مرض و الحقيقة هي ان السيدة بالمر كانت
قد دست له سما مميتا في طعامه لتتخلص منه و تصبح هي السيدة المطلقة على
القصر و المزرعة و على أكثر من ألفين من العبيد و أخذت تمارس شرورها و
طقوسها السحرية الغريبة بدون خوف و تعذب و تقتل العبيد بأبشع صورة و خصوصا
الأطفال الصغار الذين كانت تقدمهم كقاربين للشياطين بعد ان تذبحهم و تعبث
بأجسادهم البضة الرقيقة , كما أنها كانت شبقه لا تمل الرجال فكانت تختار
العبيد الأقوياء و تأخذ واحدا منهم كل ليلة الى مخدعها ثم تقتلهم بعد ان
تمل منهم و كانت جثث ضحاياها تنقل الى الساحل و ترمى في البحر عن طريق
دهاليز سرية تحت القصر لا يعلم احد أسرارها سواها.
لم
تمض مدة طويلة حتى تزوجت آني مرة ثانية فقد كانت أرملة غنية و جميلة لذلك
تقدم لخطبتها الكثير من الطامعين بثروتها و هم يظنون في قرارة نفسهم
بأنهم وقعوا على صيد سهل و غنيمة مباحة لكنهم لم يكونوا يتخيلون المصير
الأسود الذي ينتظرهم على يد الساحرة السفاحة , و بالفعل ما هي الا أشهر
قليلة حتى اختفى فجأة زوج السيدة بالمر الجديد و ادعت بأنه مات نتيجة
إصابته بالحمى الصفراء و هو مرض شائع في تلك الأنحاء , لكن الحقيقة كانت
شيئا آخر , فالسيدة بالمر كانت قد قتلت زوجها و مزقت جسده بعشرات الطعنات
بعد ان باغتته أثناء نومه ثم قامت بإلقاء جثته في البحر بمساعدة احد
عشاقها من العبيد الذي سرعان ما اختفى هو أيضا بعد ان قتلته السيدة بالمر
لتخفي أي اثر لجريمتها.
و ما ان
ترملت الساحرة البيضاء حتى تقاطر الخاطبين على قصر الزهور من جديد و سرعان
ما وجدت في احدهم ضالتها فتزوجته و لم تمض سوى شهور قليلة حتى أصبح ضحية
جديدة تضاف الى قائمة ضحاياها الطويلة و يقال انها قتلته بعد ان سكبت
الشمع المصهور في أذنه أثناء نومه و تخلصت من جثته كما فعلت مع أزواجها
السابقين ثم ادعت انه مات بسبب الحمى.
قبر الساحرة البيضاء بالقرب من قصرها و قد اصبح محطة سياحية للكثير من زوار جامايكا
|
استمرت
جرائم السيدة بالمر حتى عام 1830 و هو التاريخ الذي ماتت فيه و تخلص
العالم من شرورها و قد دارت حول موتها الكثير من القصص إحداها تزعم ان
عجوزا سوداء اسمها تاكو هي التي قتلتها انتقاما منها لأنها كانت قد ذبحت
حفيدتها و قدمتها كقربان في إحدى حفلات الفودو الدموية التي كانت تمارسها ,
و هناك قصة أخرى و هي الأقرب الى الحقيقة و تدعي ان السيدة بالمر قتلت
أثناء ثورة العبيد في جامايكا عام 1830 و هي الثورة التي قتل فيها اغلب
ملاك الأراضي البيض و أحرقت منازلهم و يقال ان العبيد مزقوا جسد الساحرة
البيضاء انتقاما لما كانت تفعله بهم من شرور و موبقات فظيعة و لكنهم لم
يجرؤا على حرق قصرها لاعتقادهم بأنه مرصود و أن من يحرقه سيصاب باللعنة
الأبدية و لهذا أصبح القصر واحدا من بين القصور القليلة في جامايكا التي
تعود الى عصر الإقطاع و نجت من التدمير على يد العبيد الثائرين الذين
احرقوا ما يقارب السبعمائة و الخمسين قصرا و منزلا للإقطاعيين البيض و
سووها بالأرض.
رغم موتها الا ان الساحرة البيضاء استمرت
في نشر الرعب و اخذ السكان الخائفين يتناقلون القصص حول روحها الغاضبة التي
كانت تهيم داخل القصر باحثة عن الانتقام لذلك استعانوا بثلاثة من طاردي
الأرواح ليخلصوهم من شبحها الا ان هؤلاء فشلوا في مسعاهم , و اليوم هناك
العديد من الناس في جامايكا يقسمون بأنهم شاهدوا شبح آني بالمر (Annie Palmer ) او سمعوا أصوات غريبة و مخيفة تصدر من قصرها و خصوصا صوت بكاء و نحيب لأطفال صغار يأتي من جهة مجهولة أسفل القصر.
و في السنين الأخيرة أصبح قصر الزهور و قبر الساحرة البيضاء في جامايكا واحدا من أكثر المواقع جذبا للسياح على الرغم من اختلاف الآراء حول حقيقة قصتها فهناك عدد من المؤرخين يشككون في ان السيدة بالمر كانت ساحرة شريرة و يعتبرون قصتها مجرد أسطورة و خرافة شعبية و حسب رواية هؤلاء فأن آني بالمر هي شخصية حقيقية عاشت في القصر خلال القرن التاسع عشر لكنها لم تكن قاسية مع العبيد و لم تتهم بقتل احد و لم تتزوج سوى مرة واحدة و كانت وفاتها طبيعية عام 1843 الا ان هذا الرأي لم يمنع السكان المحليين و آلاف السياح من القدوم الى القصر كل عام و لم يوقف سيل القصص التي يتداولها الناس حول الساحرة البيضاء و شبحها المخيف.
و في السنين الأخيرة أصبح قصر الزهور و قبر الساحرة البيضاء في جامايكا واحدا من أكثر المواقع جذبا للسياح على الرغم من اختلاف الآراء حول حقيقة قصتها فهناك عدد من المؤرخين يشككون في ان السيدة بالمر كانت ساحرة شريرة و يعتبرون قصتها مجرد أسطورة و خرافة شعبية و حسب رواية هؤلاء فأن آني بالمر هي شخصية حقيقية عاشت في القصر خلال القرن التاسع عشر لكنها لم تكن قاسية مع العبيد و لم تتهم بقتل احد و لم تتزوج سوى مرة واحدة و كانت وفاتها طبيعية عام 1843 الا ان هذا الرأي لم يمنع السكان المحليين و آلاف السياح من القدوم الى القصر كل عام و لم يوقف سيل القصص التي يتداولها الناس حول الساحرة البيضاء و شبحها المخيف.
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء